الرواشدة يكتب .... الانسان الشعبوي خطر يهدد الإنسانيه ١

 



تُعرف الشعبويَّة بأنها «خطاب سياسي موجه إلى الطبقات الشعبية، قائم على انتقاد النِظام ومسؤُوليه والنُخب». 

فالفعل السياسي الشعبوي يتميز بازدراء شديد للطبقة السياسية القائمة ويحملها الأزمات السياسية 

التي تعاني منها الدولة القائمة وتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي لعموم الشعب، ويرى أن الحل للخروج من الأزمة في التخلص 

من تلك الطبقة، وإعادة السلطة للشعب 


باعتبار أن الديمقراطية في الأساس حكم الشعب نفسه بنفسه، وليس حكم النخب باسم الشعب 

ولذلك يركز الشعبويّين على هدم أسس الديمقراطية التمثيلية وتعويضها بالديمقراطية الشعبوية (الديمقراطية المباشرة) التي تنطلق من الأسفل للأعلى. 


فالشعبويَّة كنمط من التفكير السياسي تجنح لتقديس الشعب باعتباره يمثل الحقيقة المطلقة. 

إنها خطاب سياسي موجه لهدم أسس الخطاب السياسي للنخب السياسية والثقافية المهيمنة على الشأن العام، والتي يتهمها الخطاب الشعبوي بالفساد، والاستغلال، وتأبيد الفقر، والتبعية للقوى المهيمنة خدمة لمصالحها في تعارض تام مع مصالح الشعب ورهانه على الدولة الديمقراطية كأداة لتحقيق الحرية والرفاه.

إن فساد النخب السياسية والثقافية وسيطرة جماعات الضغط لرأس المال المسيطر على الاقتصاد، وما أدى إليه من مزيد تفقير المفقر وتفقير الطبقة الوسطى وهيمنة قلة قليلة على الثروة العامة وعجز تلك النخب على تجاوز خلافاتها الإيديولوجية وضمان الحد الأدنى من الاستقرار السياسي لتمكين الاقتصاد من التحرك الإيجابي في اتجاه تحقيق الثروة مكّن الشعبويّة من اكتساح الفضاء العام...

 لذلك تَعتبر الشعبويّة أن الحل الوحيد للأزمات السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والتربوية، وغيرها، إ 

نما يتمثل في تجاوز الديمقراطية التمثيلية نحو الديمقراطية المباشرة، وأن طوق النجاة للسلطة 

إنما هو في التحرر من السلطة.


فاللاسلطوية هي الرديف المباشر للشعبويّة وتتحقق اللاسلطوية حين تعود السلطة للشعب 

بحيث لا تكون في يد أحد. 

فاللاسلطوية نظرية سياسية تشكك في مبررات السلطان والسلطة وبالأخص السلطان السياسي. 

تُبرَّر اللاسلطوية بمطالبات اخلاقية حول أهمية الحرية الفردية. إنها نظرية ايجابية حول الرقيّ البشري ترتكز على مثال للبناء التوافقي غير القسري. 

فهي نقد جذري للسلطة المركزية للدولة ودعوة للامركزية السلطوية حيث تتحدد السلطة كممارسة شعبية جماهيرية بعيدًا عن هيمنة الدولة المركزية فالشعب قادر على إدارة شأنه العام دون حاجة للدولة المركزية التي تدريها النخب الفاسدة وذات المصالح التي تتعارض في الغالب مع المصلحة العامة للشعب، ولذلك تدعو الشعبويّة باعتبارها لاسلطوية، وزهد في السلطة لإعادة السلطة الكاملة للشعب، فلا ضرورة لدولة النخب

 (أحزاب، ومثقفين، وأكاديميين، وخبراء، وتقنيين) حين تعود السلطة للشعب. 

وبالحكم المباشر للشعب تصبح الدولة فعلًا تنازل الكل لفائدة الكل كما بين جون جاك روسو، 

ولن يكون هناك أية حاجة لوضع قوانين لمنح امتيازات للبعض على حساب الكل.

الشعب هو من يحكم مباشرة في الديمقراطية المباشرة باعتبار أن من يختارهم الشعب من الأسفل للأعلى (انتخاب على قاعدة الأفراد) يخضعون في دوام ممارستهم السلطوية لتمثيل من انتخبوهم لإرادة ناخبيهم حيث بإمكانهم عزلهم وسحب التفويض منهم متى أرادوا ذلك، وكلما لاحظوا انحرافًا في الممارسة السياسية يعيد الدولة لحكم النخب والقوى النافذة، ولن يكون الرئيس إلا قائدًا وزعيمًا حاميّا لإرادة الشعب، 

ومحققًا لتلك الإرادة، وهو أمر يمهد الطريق لعودة السلطة المطلقة باسم الزهد في السلطة والطهورية الأخلاقية، فتتحول اللاسلطوية الشعبويّة إلى سلطة مطلقة. 

وإذا التقت اللاسلطوية الشعبويّة مع النرجسية والأنانية أصبح الإنسان ذاته مهددًا في وجوده باسم الدفاع عن الشعب....



31/3/2021 

-سند مجلي الرواشدة

تعليقات

المشاركات الشائعة